معا على الطريق.. محمد والمسيح


معا على الطريق..

محمد والمسيح


إنك – مثلا- حين تؤمن بحق البشر فى سلام دائم, ويمارس ضميرك دوما تفكيرا دائبا فى هذا الحق .. ثم تقوم ظروف قاهرة, أو قوة راهبة, تحول بينك, وبين الإعلان عن صوت ضميرك, وإذاعة ما تفكر فيه .. فإن ذلك لا يضير .. إلا ريثما تتوارى تلك الظروف, فتجد فرصتك فى التعبير عن ضميرك, وعقلك, وفكرتك التى أنضجتها المثابرة, والأناة, والصبر المفروض ..!!
لكن حين تكون الظروف من نوع أخر فتنفذ بالإرهاب السادر, أو بالخداع الماكر إلى ضميرك نفسه .. إلى عقلك, وتفكيرك, فتفسده حتى ترى السلام خرافة .. والحروب ضرورة .. فتلك هى الكارثة التى لا تكاد تؤذن بعلاج ..!!
لماذا..؟


لأن الضربة هنا وجهت إلى "بؤرة" الحياة نفسها.. إلى "مركز" التنفس ذاته .. إلى الجهاز العظيم الذى يصنع لنا فى الحياة كل جليل من الأمور, وكل عظيم من الأعمال ..
ذلكم هو العقل .. والضمير.
ومثل أخر..
قد تكون إنسانا متدينا, وتعتقد – خطأ – أن تعليم البنت حرام.. عندئذ, ستكون مستعدا حسب درجة تدينك إلى إرتكاب أية جريمة تمنع هذا الذى تظنه منكرأ, وهو تعليم الفتاه..
وساعتئذ, لن تسمى جريمتك هذه, جريمة, ولكن ستدعوها جهادا .. وبطولة .. وإذا إنتهت بموتك, فسترى الموت, تضحية, وإستشهادا..!!
وقد تكون من الذكاء والمقدرة, بحيث تستطيع أن تجمع حولك "قطيعا" هائلا من المؤمنين بك, وبقولك..
وقد تستطيع أن تقود هذا القطيع إلى فتنة أو ثورة, تكافحون بها "تعليم البنت" – مثلا - ..!!
وسيكون السبب الكامن وراء هذا كله "إنحراف الضمير" ..!!
ومن أين يجئ هذا الإنحراف..؟؟
·         يجئ من إرهاب الضمير..
·         ومن تضليله, وحبس المعرفة عنه.
ويتم إرهاب الضمير عن طريق التخويف الدينى..والتخويف السياسى..والتخويف الإجتماعى..
إن ضحايا الحروب الدينية..و الثورات السياسية والإجتماعية.. لتشير إلى إرهاب الضمير, كنقطة بدء لكل ما أصاب وما يصيب البشرية من عناء.
ولو الناس يتركون, ليفكروا فى حرية, وليبلغوا حقوقهم فى حرية, لتوفر كثير من الدم المراق..
ومن أجل هذا..
ومن أجل أن يحيا الناس فى وجود حقيقى صادق طيب.. هتف محمد وهتف المسيح بالكثير من حقوق الفكر والضمير.
ولقد حدثتكم فى بعض مؤلفاتى السابقة, عن المدى البعيد, والرشيد الذى ذهب إليه محمد, فى إحترامه حقوق العقل, حتى فتح ذراعيه لحرية الشك ذاتها..
وذلك حين ذهب إليه بعض أصحابه. يشكون إليه أنفسهم, ويبثونه مخاوفهم القاتلة من شكوك فى الله.تساورهم..
فإذا هو يجيبهم متهللا:
(هل وجتموه..؟؟ - يعنى الشك - ).
فيقولون فى أسى: نعم..
فيجيبهم فى بشر:
(الحمد لله..هذا محض الإيمان)..!!!
من كان يعرف مثالا, لإحترام الضمير الإنسانى, أروع من هذا المثال, فليدلنا عليه..
هذا رسول .. صاحب دعوة .. وصاحب دين لباب دينه, الإيمان بالله..
ثم يعتبر الشك سبيلا لليقين, ووسيلة للإيمان, بدلا من أن يعتبره جريمة ووزرا..؟؟
إنه لأمر فريد, وعجيب..!!
صفحة 155

This entry was posted on Monday, July 25, 2011 and is filed under ,,,. You can follow any responses to this entry through the RSS 2.0. You can leave a response.

Leave a Reply

Leave your comment here.....